للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقّه من الإجلال والتعظيم والطاعة والذلّ والخضوع والخوف والرجاء؟ فلو جعل له مِن أقرب الخلق إليه شريكًا في ذلك لكان ذلك جراءةً وتوثّبًا على محض حقّه، واسَتهانةً به، وتشريكًا بينه وبيّن غيره فيما لا ينبغي ولا يصلح إلا له سبحانه، فكيف وإنما شرَّكَ بينه (١) وبيّن أبغضِ الخلق إليه، وأهونهم عليه، وأمقتِهم عنده. وهو عدوُّه على الحقيقة، فإنّه ما عُبدَ من دون الله إلا الشيطان، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)[يس: ٦٠ - ٦١] (٢).

ولما عبد المشركون الملائكةَ بزعمهم وقعت عبادتهم للشيطان، وهم يظنون أنهم يعبدون الملائكة (٣). كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)[سبأ: ٤٠ - ٤١].

فالشيطان يدعو المشرك إلى عبادته، ويوهمه أنّه ملَك.

وكذلك عُبّاد الشمس والقمر والكواكب يزعمون أنهم يعبدون روحانيات هذه الكواكب، وهي التي تخاطبهم، وتقضي لهم الحوائج. ولهذا إذا طلعت الشمس قارنها الشيطان، فيسجد لها الكفار، فيقع سجودهم له، وكذلك عند غروبها.

وكذلك من عبد المسيحَ وأمَّه لم يعبدهما، وإنما عبد الشيطان، فإنه


(١) ف: "يشرك بينه". وقد سقط "وبيّن غيره … بينه" من س.
(٢) وردت الآية في ز إلى قوله تعالى ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ وسقط ما بعده إلى قول المصنف "فما عبد أحد … ".
(٣) وانظر إغاثة اللهفان (٢/ ٩٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>