للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتقى هو وأبو العباس بن سُرَيج (١) في مجلس أبي الحسن علي بن عيسى الوزير (٢) فتناظرا في مسألة من الإيلاء، فقال له ابن سريج: أنت بأن تقول: "من دامت لحظاته كثرت حسراته" (٣) أحذق منك بالكلام على الفقه!

فقال: لئن كان ذلك فإني أقول:

أنره في روض المحاسن مقلتي … وأمنع نفسي أن تنال محرَّما

وأحمل من ثِقْل الهوى ما لوَ انّه … يُصَبّ على الصخر الأصمّ تهدّما

وينطق طرفي عن مترجَم خاطري … فلولا اختلاسي ردَّه لتكلّما (٤)

رأيتُ الهوى دعوى من الناس كلِّهم … فلستُ أرى ودًّا صحيحًا مسلّما

فقال له (٥) أبو العباس بن سُرَيج: بمَ تفخر عليّ؟ ولو شئتُ قلتُ:

ومُطاعِمٍ كالشَّهد في نغماته … قد بتُّ أمنعه لذيذَ سِناته


(١) س، ل: "شريح"، تصحيف. وهو أحمد بن عمر بن سريج القاضي البغدادي، شيخ الشافعية في وقته. توفي سنة ٣٥٦ هـ. انظر ترجمته في طبقات السبكي (٣/ ٢٥)، وسير أعلام البلاء (١٤/ ٢٠١).
(٢) أبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجرّاح البغدادي، من بلغاء زمانه. وزر غير مرة للمقتدر والقاهر. توفي سنة ٣٣٤ هـ. انظر ترجمته في معجم الأدباء (١٨٢٣)، وسير أعلام البلاء (١٥/ ٢٩٨).
(٣) وهو عنوان الباب الأول من كتاب "الزهرة" (ص ٤٥)، وفيه: "من كثرت لحظاته دامت حسراته". وهو الصواب، وكذا في زهر الآداب (٧٢٨).
(٤) في النسخ: "ودّه"، والتصحيح من تاريخ بغداد وغيره.
(٥) "له" ساقط من ف.

<<  <  ج: ص:  >  >>