للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمنبر إذ سمعت أنينًا، فأصغيت إليه، فإذا هو يقول:

أَشْجاكَ نَوحُ حمائم السِّدْرِ … فأهَجْنَ منك بلابلَ الصَّدْرِ

أم عزّ نومَك ذكرُ غانيةٍ … أهدَتْ إليك وساوسَ الفكْرِ (١)

يا ليلةً طالت على دَنِفٍ … يشكو السُّهادَ وقلّةَ الصبرِ

أسلمتِ مَن يهوَى لحرِّ جوىً … متوقِّدٍ كتوقُّدِ الجَمْرِ (٢)

فالبدرُ يشهد أنّني كلِفٌ … مُغْرىً بحبِّ شبيهةِ البدرِ

ما كنت أحسبني أهيم بها … حتّى بُليتُ وكنتُ لا أدري

ثم انقطع الصوت، فلم أدر من أين جاء، وإذا به قد أعاد البكاء والأنين، ثم أنشد:

أشجاك من ريَا خيالٌ زائرُ … والليلُ مسوَدُّ الذوائبِ عاكِرُ (٣)

واعتاد مهجتك الهوى برَسِيسِه … واهتاجَ مقلتك الخيالُ الزائرُ (٤)

ناديتُ ريَّا والظلامُ كأنّه … يمٌّ تلاطَمَ فيه موجٌ زاخرُ

والبدرُ يسري في السماء كانّه … ملِكٌ ترجَّلَ والنجومُ عساكِرُ

وترى به الجوزاءَ ترقصُ في الدُّجى … رقصَ الحبيبِ علاه سُكْرٌ ظاهرُ (٥)


(١) ف: "ذكر غائبة"، تصحيف.
(٢) ما عدا ف: "تهوى"، تصحيف. وفي ل: "متوقدًا".
(٣) ف: "من فيءٍ"، ولعله تحريف.
(٤) كذا في النسخ والواضح المبين. وفي منازل الأحباب: "الخيال الباكر".
(٥) ف: "ضيا الجوزاء يرقص".

<<  <  ج: ص:  >  >>