للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراكم بقلبي من بلادٍ بعيدةٍ … فيا هَلْ تَرَوني بالفؤاد على بُعدِ

فؤادي وطَرفي يأسفان عليكمُ … وعندكمُ روحي وذكركمُ عندي

ولستُ ألذُّ العيشَ حتّى أراكم … ولو كنتُ في الفردوس في جنّةِ الخلدِ

فقلت: يا ابن أخي تُبْ إلى ربّك، واستغفِرْ من ذنبك (١)، فبين يديك هولُ المُطَّلَع (٢). فقال: ما أنا بسالٍ حتى يؤوب القارظان (٣)! ولم أزل معه إلى أن طلع الصبح (٤)، فقلت: قم بنا إلى مسجد الأحزاب، فلعل الله أن يكشف كربتك. قال: أرجو ذاك إن شاء الله ببركة طَلْعتك.

فذهبنا حتى أتينا مسجد الأحزاب، فسمعته يقول:

يا لَلرِّجالِ لِيوم الأربعاء أما … ينفكّ يُحدِث لي بعد النُّهَى طرَبا

ما إن يزال غزالٌ منه يُقلِقني … يأتي إلى مسجد الأحزاب مُنْتقِبا (٥)

يُخبّر الناسَ أنّ الأجرَ همّتُه … وما أتى طالبًا للأجر محتسِبا

لو كان يبغي ثوابًا ما أتى صَلِفًا … مضمَّخًا بفتيت المسك مختضِبا (٦)


(١) ف: "لذنبك".
(٢) يعني الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت. قال عمر : "لو أن لي ما في الأرض جميعًا لافتديتُ به من هول المطلع". انظر النهاية (٣/ ١٣٢).
(٣) من أمثالهم في التأبيد. انظر تفسيره في فصل المقال (٤٧٣)، وجمهرة الأمثال (١/ ١٢٣).
(٤) ل: "حتى طلع الفجر". س: "أن حتى طلع الصبح".
(٥) في المستجاد، ومنازل الأحباب، والواضح المبين: "يظلمني".
(٦) الصلَف: الغلوّ في الظرف مع تكبّر. اللسان (صلف). وفي المستجاد، ومنازل (٧) الأحباب، والواضح المبين: "أتى ظهرًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>