للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الزمخشري في ربيعه (١) أنَّ زبيدة (٢) قرأت في طريق مكة على حائط:

أمَا في عباد الله أو في إمائه … كريمٌ يُجلّي الهمَّ عن ذاهبِ العقلِ

له مقلةٌ أما المآقي قريحةٌ … وأما الحشا فالنارُ منه على رِجْلِ

فنذرت أن تحتال لقائلهما إن عرفَتْه حتّى تجمع بينه وبيّن من يحبّه. فبينا هي بالمزدلفة إذ سمعتْ من ينشد البيتين، فطلبته، فزعم أنّه قالهما في ابنة عمّ له، نذر أهلها أن لا يزوّجوها منه. فوجّهتْ إلى الحيّ، وما زالت تبذل لهم المال حتّى زوّجوها منه؛ وإذا المرأة أعشق له منه لها. فكانت تعدّه من أعظم حسناتها، وتقول: ما أنا بشيء أسرَّ منّي من جمعي بين ذلك الفتى والفتاة.

قال الخرائطي (٣): وكان لسليمان بن عبد الملك غلام وجارية يتحابّان، فكتب الغلام لها يومًا:

ولقد رأيتكِ في المنام كأنّما … عاطيتنِي من ريق فيكِ الباردِ

وكأنّ كفّكِ في يدي وكأنّنا … بتنا جميعًا في فراشٍ واحدِ

فطفقتُ يومي متراقدًا … لأراكِ في نومي ولستُ براقدِ (٤)


(١) ربيع الأبرار (٣/ ١٢١). ومنه نقلها في روضة المحبين (٥٣٠) أيضًا.
(٢) بنت جعفر، زوج هارون الرشيد.
(٣) وكذا نقلها المؤلف عن الخرائطي في روضة المحبين (٥٣١) أيضًا، ولم أجدها في اعتلال القلوب. وهي في ربيع الأبرار (٣/ ١٢٢) والواضح المبين (٣٤).
(٤) "طفقت لا هنا بمعنى لزمتُ. انظر: المحكم لابن سيده (٦/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>