للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالث: أن الجماعة هي الصحابة على الخصوص؛ فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وأرسوا أوتاده، وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلا، وقد يقع من سواهم فيها.

ألا ترى قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله" ١.

وقوله: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" ٢.

فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن من الأزمان أزمانا يجتمعون فيها على ضلالة وكفر. وممن قال بهذا القول: عمر بن عبد العزيز، فقد روى ابن وهب عن مالك قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول: سن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر من بعده سننا، الأخد بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر فيما خالفها! من اهتدى بها مهتدُ، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا. فقال مالك: فأعجبني عزم عمر على ذلك.

فعلى هذا القول: لفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى في قوله عليه الصلاة والسلام: $"ما أنا عليه وأصحابي"٣. فكأنه راجع إلى ما قالوه وما سنّوه.


١ أخرجه مسلم في الإيمان, باب ذهاب الإيمان آخر الزمان برقم "١٤٨": ١/ ١٣١.
٢ أخرجه مسلم في الفتن, باب قرب الساعة برقم "٢٩٤٩": ٤/ ٢٢٦٨.
٣ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة" وفي لفظ: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي". وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة عن عدد من الصحابة بألفاظ مختلفة، فأخرجه أبو داود في كتاب السنة: ٧/ ٣، ٤، والترمذي في الإيمان: =

<<  <   >  >>