للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشبهوه بالعدم والموات, وبين أهل التمثيل والتشبيه الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات.

ب- وفي باب الخَلْق والأمر، يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله تعالى على كل شيء قدير، فيقدر أن يهدي العباد ويقلّب قلوبهم، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق الأعيان والصفات والحركات.

ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار فيما يعمله، ولا يقولون: إنه مجبور؛ لأن المجبور هو من أُكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مختارا لما يفعله، فهو مختار مريد، والله خالقه وخالق اختياره.

وبذلك يكون أهل السنة والجماعة وسطا بين القدرية، الذين يكذبون بقدرة الله، الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء؛ وبين الجبرية المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل، فيعطلون الأمر والنهي، والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا:

{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٤٨] .

جـ- وفي أسماء الإيمان والدين وأحكام أهلها من الوعد والوعيد؛ يقف أهل السنة والجماعة موقفا وسطا حيث يؤمنون أن أهل الكبائر من المسلمين أو فساق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله، وليس معهم جميع الإيمان الواجب الكامل الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يخلدون في النار، بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ادّخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته. وبذلك يتوسطون بين الوعد والوعيد, ويؤمنون بالآيات كلها في هذا وذاك.

فهم -إذن- وسط بين الوعيدية، الذين غلّبوا آيات الوعيد والتخويف, فحكموا على مرتكب الكبيرة بالخروج من الإيمان بالكلية كالخوارج، أو بالخروج من الإيمان

<<  <   >  >>