للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم في خطبته:

"ألا إن ربي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا؛ كل مال نحلتُه عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ... " ١.

وكل مولود في العالم على ذلك الإقرار، وهو الحنيفية التي وقعت الخِلْقة عليها، وإن عبد غيره، قال تعالى:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧] .

فكل مولود يولد في مبدأ الخلقة على الفطرة، أي: على الجِبِلَّة السليمة والطبع المتهيئ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها؛ لأن هذا الدين موجود حسنه في العقول، وإنما يعدل عنه من يعدل إلى غيره، لآفة من آفات النشوء والتقليد، فلو سلم من تلك الآفات لم يعتقد غيره٢.

وهكذا كانت البشرية الأولى أو ذرية آدم عليه السلام، قبل أن يقع الانحراف، كانت على التوحيد والإسلام، فقد كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح -وكان بينهما عشرة قرون- كلهم على شريعة واحدة من الحق والهدى، ثم اختلفوا في زمن نوح، فبعث الله إليهم نوحا، فكان أول نبي بعث، ثم بعث بعده النبيين٣.


١ أخرجه مسلم: ٤/ ٢١٩٧.
٢ انظر: "تفسير البغوي": ٦/ ٢٧٠, والمراجع المشار إليها في الحاشية.
٣ وهذا مرويّ عن قتادة وعكرمة. انظر: "تفسير البغوي": ١/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>