للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى المقروءة, والمنظورة، في الأنفس والآفاق، وفي مجال عالم الشهادة. والآيات الكريمة في ذلك كثيرة تعزّ على الحصر.

ويرسم الإسلام للعقل المنهج الصحيح للعمل والتفكير، ويرفع من أمامه العوائق والموانع التي تعطله عن وظيفته؛ كاتباع الظن والأوهام والخرافة، أو الخضوع لسيطرة العادات والتقاليد، أو تقليد الآباء والمشايخ والطغاة ... وبذلك يتحرر العقل حرية حقيقية كاملة، ويقوم بعملية التثبت والتبين قبل الإقدام أو الاعتقاد والتصديق:

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٧٠] .

{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: ٢٨] .

{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: ٣٦] .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] .

ثم يحيل الإسلام على العقل -مع أدلة أخرى- في القضايا الكبرى الرئيسية؛ فهو يهدي -عند النظر الصحيح- إلى معرفة الله تعالى ووحدانيته، ويقيم الأدلة على صحة النبوة والبعث بعد الموت, فيكون إدراك هذه القضايا إدراكا كليا عاما وقبولها بالعقل١.

وشواهد ذلك من القرآن والسنة وكلام العلماء كثيرة، لا يتسع المقام للإفاضة


١ قال الإمام السمعاني: "إن الله تعالى أسّس دينه وبناه على الاتباع، وجعل إدراكه وقبوله بالعقل". انظر "الحجة في بيان المحجة" للأصفهاني: ١/ ٣١٧.

<<  <   >  >>