فيها. فحسبنا هذه الإشارة نختم بها هذه الفقرة عن قيمة العقل, ومكانته في الإسلام١.
دور العقل في العقيدة:
وقد يدفع هذا القول بعض الناس ليظن أن هذه العناية بالعقل والإعلاء لمكانته تبيح لنا أن نجعل منه مصدرا نستقي منه العقيدة، أو نجعله حاكما عليها، يقبل منها ما يدركه، ويرفض ما لا يدركه أو ما لا يحيط به علما.
وهذه قضية منهجية جدّ خطيرة، تحتاج إلى فضل بيان، توضع فيه الأمور في نصابها الصحيح دون إفراط ولا تفريط:
"لو كان الله سبحانه، وهو أعلم بالإنسان وطاقاته كلها، يعلم أن العقل البشري، الذي وهبه الله تعالى للإنسان، هو حسب هذا الإنسان في بلوغ الهدى لنفسه والمصلحة لحياته، في دنياه وآخرته، لوكله إلى هذا العقل وحده، يبحث عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق، ويرسم لنفسه كذلك المنهج الذي تقوم عليه حياته، فتستقيم على الحق والصواب، ولما أرسل إليه الرسل على مدى التاريخ، ولما جعل حجته على عباده هي رسالة الرسل إليهم، وتبليغهم عن ربهم ... ".
"ولكن لما علم الله -سبحانه- أن العقل الذي آتاه للإنسان أداة قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدى -بغير توجيه من الرسالة وعون وضبط- وقاصرة كذلك عن
١ انظر بالتفصيل: "المقاصد العامة للشريعة"، ص٣٤٤ وما بعدها. "مذاهب فكرية معاصرة" ص٥٣ وما بعدها. "خصائص التصور الإسلامي" ص٥٤ وما بعدها. "منهج المدرسة العقلية في التفسير" ١/ ٢٩-٣٩. "المدخل إلى الثقافة الإسلامية" ص٢٢٦-٢٣٠. "عالم الغيب والشهادة في التصور الإسلامي"، ص٢٦ وما بعدها.