للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسم منهج للحياة الإنسانية، يحقق المصلحة الصحيحة لهذه الحياة، وينجي صاحبه من سوء المآل في الدنيا والآخرة. لما علم الله -سبحانه- هذا قضت حكمته ورحمته أن يبعث للناس بالرسل وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ١ [الإسراء: ١٥] ".

إذن ما هي وظيفة العقل البشري؟ وما هو دوره في العقيدة الإسلامية؟

يقول الأستاذ سيد قطب، رحمه الله:

"إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة "الوحي"، ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول. ومهمة الرسول أن يبلغ ويبين، ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام، وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموجبات الإيمان في الأنفس والآفاق، وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح ومنهج النظر الصحيح، وأن يقيم له القاعدة التي ينهض عليها منهج الحياة العملية، المؤدي إلى خير الدنيا والآخرة.

وليس دور العقل أن يكون حاكما على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطلان، والقبول أو الرفض, بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله، وبعد أن يفهم المقصود بها, أي: المدلولات اللغوية والاصطلاحية للنص"٢.

ويؤكد هذا المعنى ويزيده وضوحا، فيقول:

إن العقل البشري ليس هو الذي يصنع مقومات التصور الإسلامي -كما هو الحال في الفلسفة- إنما هو الذي "يتلقاها" من مصدرها الرباني، و"يدركها"


١ "في ظلال القرآن"، المجلد الثاني ص٨٠٦. وانظر: "الله في العقيدة الإسلامية"، للبنا رحمه الله، ص٢٩-٣١.
٢ "الظلال"، نفسه، ص٨٠٧.

<<  <   >  >>