الشرعيات وتفصيل أحوال المعاد. فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والأفعال المستقيمة، والدال على مصالح الدنيا والآخرة. ومن عدل عنه فقد ضل سواء السبيل"١.
ويبقى أن نؤكد هنا -مرة أخرى- على أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين أحكام العقل الصريح والنصوص الشرعية الصحيحة -وفق المنهج الذي سلف في بيان حدود العقل- وهذه المسألة التي وضع لها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كتابه الضخم "درء تعارض العقل والنقل" أو "موافقة صحيح المعقول لصريح المنقول".
وما قد يظهر من خلاف ذلك، فينبغي عند ظهوره ألا نعارض نصوص الشرع بما قد نراه بعقولنا وآرائنا وأقيستنا؛ فإن العقول -كما رأينا- تتفاوت، وليس هناك العقل المطلق الكامل الذي نحاكم إليه هذه النصوص. كما أن العقل نفسه محدود بحدود الزمان والمكان والكيفية، وبحدود وظيفته، ولا يستطيع أن يحيط بغير المحدود الذي يحيط به الشرع أو الوحي.
ولذلك قال الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله: "من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التسليم".
"وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو أن العقل مع النقل
١ "تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين" ص١٤٠-١٤٢ باختصار, وهو بنصه في "معارج القدس في مدارج النفس" ص٥٧-٥٩, وراجع: "الحقيقة في نظر الغزالي" د. سليمان دنيا ص٢٨٠، ٢٨١، "مدخل إلى العقيدة الإسلامية" ص١٥١-١٥٢.