جـ- أن المبتدع معاند للشرع ومشاقّ له؛ لأن الشارع قد عين للعبد منهجا يسير عليه، ويلتزم به، فيما يفعله وما يجتنبه، وهو سبحانه الذي يعلم ما يصلح للعبد وما لا يصلح، والعبد لا يعلم ذلك حقيقة على وجه التفصيل:
{أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[البقرة: ١٣٩] .
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٢١٦] .
والمبتدع رادّ لذلك كله ومخالف له؛ لأنه يزعم أن ثم طرقا أخر غير ما عينه الشارع، فكأنه يزعم أنه يعلم ما يعلمه الشارع، بل قد يفهم من هذا أنه يزعم أنه علم ما لم يعلمه الشارع.
وهذا إذا كان مقصودا للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال مبين.
د- أن المبتدع قد جعل نفسه مضاهيا للشارع، ونظيرا له، حيث شرع مع الشارع، وفتح للاختلاف بابا، ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع، وكفى بذلك ضلالة وإثما وخطرا!
هـ- أن الابتداع اتباع للهوى؛ لأن العقل إن لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة؛ وأنت تعلم ما في اتباع الهوى من الضلال، والانحراف، وكل من لم يتبع هدى الله فهو متبع للهوى، واقع في الضلالة؛ ولذلك جاء التحذير، فقال تعالى:
وما ذكر الله تعالى الهوى في القرآن الكريم إلا في سياق الذم؛ لأنه مخالف للشرع، وسبب للضلال والانحراف؛ ولهذا نزه الله تعالى نبيه عن الضلالة والهوى، وماذا بعد الحق إلا الضلال١؟
١ "الاعتصام" للشاطبي: ١/ ٤٦-٥٣ مقتطفات بتصرف. وانظر: "وجوب لزوم جماعة المسلمين" تأليف جمال بن أحمد بادي ص١٨٩-٢٠١، "شرح السنة" للبغوي: ١/ ٢١٠-٢١٨.