د- تحكيم العقل البشري وتقديمه على نصوص الشرع، أو تأويلها لتوافق العقول البشرية، وأحيانا إنكارها بحجة أنها مخالفة للعقل:
وهذا من أعظم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ظهور البدع والانحرافات. فقد تقدم أن للعقول حدّا تنتهي إليه ومجالا تعمل فيه، فإذا جعلناها حاكمة على الشرع والوحي كان ذلك خلاف حكم العقل نفسه؛ لأنه ثبت أن الشرع حاكم على العقل بإطلاق لأنه معصوم لا يخطئ، أما العقل فليس معصوما، وهو يخطئ ويختلف من إنسان لآخر، فلا يصلح أن يكون حاكما على الشرع، ومن هنا فإن الذين جعلوا العقل حاكما على الشرع وقعوا في بدع كثيرة لما ردوا الأحاديث النبوية واعتبروها مخالفة للعقل وما هي -في حقيقة الأمر- مخالفة، ولكنها مخالفة للمعتاد الجاري فحسب.
ومن البدع التي نشأت بسبب هذا العامل ما ذكره الشاطبي -رحمه الله- من إنكار المبتدعة للصراط والميزان، وعذاب القبر، وسؤال المَلَكَين، ورؤية الله في الآخرة، وإنكار الصفات, ونحو ذلك١.
هـ- الزيادة والنقص في الدين:
وهما أمران يرجع إليهما معظم البدع، فمن الزيادة في الدين أن يدخل فيه ما لم يكن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهد أصحابه -رضي الله عنهم- مثل القول بأنه: لا موجود إلا الله, كما هو قول الاتحادية، وأنه: لا فاعل ولا قادر إلا الله، وهو قول الجبرية. وأمثال ذلك من الغلو في الدين، ومن ذلك القول بأن لله تعالى صفة لم ترد في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أنواع الزيادة في