للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦] .

ثانيا: وكلما كان الإنسان قريبا من النبع كان الماء أكثر صفاء ونقاء، وكلما ابتعد عن النبع وجد الماء أقل صفاء ونقاء؛ لما يطرأ عليه من الأذى وما يداخله من القذى، والشوائب التي تنصبّ فيه ... وهكذا كانت البشرية الأولى على الفطرة والتوحيد لقرب عهدها بربها تعالى، ثم اختلطت بعد ذلك الينابيع.. وتضافرت العوامل التي أدت إلى الانحراف عن التوحيد، فكان ظهور الشرك طارئا بعد ذلك التوحيد، وكان انحرافا عنه.

ثالثا: لو كان هناك تطور حقا -كما يقولون- لكان من الطبيعي والمنطقي أن يكون هذا التطور من الوحدة إلى الكثرة؛ لأن الواقع يدل على ذلك، فأنت عندما تبدأ بالعدّ والحساب -مثلا- تبدأ بالواحد وتنتهي بما بعده من كثرة، وليس العكس.

الرد على نظرية التطور في الأديان:

ولعل هذه الإشارات السريعة فيها ما يكفي للرد على مزاعم أولئك النفر من الغربيين ومن تابعهم من المسلمين١، والذين يدرسون تاريخ الأديان ويزعمون أن البشرية لم تعرف عقيدة التوحيد إلا بعد أن تطورت ومرت بمراحل، فكانت تعرف الشرك وتعدد الآلهة أولا, ثم ترقّت من ذلك إلى التوحيد، متأثرين في ذلك بنظرية التطور في أصل الأنواع التي ابتدعها "دارون"، ثم نقلوا الفكرة ذاتها إلى الدين، فأصبحوا يقولون بالتطور فيه.


١ كالأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه "الله، كتاب في نشأة العقيدة الإلهية" وعبد الحميد زايد في كتابه "الشرق الخالد" حيث زعم أن التوحيد من اختراع العقل البشري, وأنه تطور من الوثنية ... وانظر ردا على ذلك في "أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ" د. جمال عبد الهادي ص٤٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>