للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يظن بعض المسلمين أن في ذلك ترقيا للإنسان وتزكية للإسلام؛ لأنهم يزعمون أن البشرية لما كانت في حال من التأخر كانت تعبد آلهة متعددة، ولما ترقت وتقدمت أصبحت تعبد إلها واحدا، فنشأت ديانات التوحيد. يظنون ذلك ويدافعون عنه، مع أنه -كما رأينا- يناقض نصوص القرآن الكريم والسنة والنبوية, ويخالف الواقع والمنطق والعقل١.

أنواع توحيد الرسل والأنبياء:

وبعد أن انتهينا إلى أن جميع الرسل -عليهم الصلاة والسلام- قد بعثهم الله تعالى بدعوة التوحيد، فينبغي أن نؤكد هنا على أن التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه, نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وتوحيد في الطلب والقصد.

وهذا باعتبار ما يجب على الموحِّد؛ فأحيانا يطلب منه مجرد العلم والمعرفة, وأحيانا يطلب منه توجيه القصد والإرادة وإخلاص العبادة لله.

فالأول: هو إثبات حقيقة ذات الرب -تبارك وتعالى- وصفاته، وأفعاله، وأسمائه، وعلوه فوق سمواته على عرشه، وتكلمه بكتبه، وتكليمه لمن شاء من عباده، وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمه. وقد أفصح القرآن الكريم عن هذا النوع من التوحيد كل الإفصاح، كما في أول سورة "الحديد" و"طه" وآخر "الحشر" وأول سورة "السجدة" و"آل عمران" وسورة "الإخلاص" كلها، وغير ذلك من الآيات والسور.


١ انظر بالتفصيل: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام": ٢٠/ ١٠٦-١١٢، ٢٨/ ٦٠٣-٦٠٥، "في ظلال القرآن"، المجلد الثالث ص١٣٠٤-١٣٠٦، ١٣٩٤، "مقومات التصور الإسلامي" ص٨٤-١٠٠، "الدين" للدكتور محمد عبد الله دراز ص١٠٦ وما بعدها، "مدخل إلى الثقافة الإسلامية"، ص١٧٦-١٨٢، "العقيدة في الله"، ص٢٤٣-٢٥٢, "نشأة الدين" ص١٧٨ وما بعدها.

<<  <   >  >>