للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه، ولأجلها نُصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام بها سوق الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار، فهي منشأ الخلق والأمر، والثواب والعقاب، وهي الحق الذي خُلقت له الخليقة، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب، وعليها يقع الثواب والعقاب، وعليها نصبت القبلة، وعليها أسست الملة، ولأجلها جردت سيوف الجهاد، وهي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة السلام، وعنها يُسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين:

ماذا كنتم تعبدون؟

وماذا أجبتم المرسلين؟

فجواب الأولى: بتحقيق "لا إله إلا الله" معرفة وإقرارا وعملا.

وجواب الثانية: بتحقيق "أن محمدا رسول الله" معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة١.

ولما كانت هذه الشهادة، وهذه الكلمة، بهذه المثابة والمكانة، فمن الواجب أن نقف عندها لنتعرف على مدلولها الحقيقي، كما ترشد إليه الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وعلى مقتضياتها وشروطها ونواقضها.

وسنفرد -إن شاء الله تعالى- على كل جانب من هذه الجوانب كلمة موجزة، تنبئ عن الفكرة الرئيسة فيها، وتقف معلما على طريق التوحيد الذي تدل عليه وترشد إليه ...


١ انظر: "زاد المعاد": ١/ ٣٤.

<<  <   >  >>