الأحكام أو تصنيفها وتبويبها ليكون هذا عقيدة وذاك عبادة، والثالث اقتصادا أو سياسة ... إلى غير ذلك من هذه التقسيمات الحادثة التي اقتضتها ضرورة البحث والتأليف، ودون أن يكون هناك تفريق بينها في الالتزام والعمل بمقتضاها، فهي كلها أحكام منزلة من الله، ينبغي عليهم أن يتلقوها بالتسليم، وأن يسارعوا إلى الامتثال لها ليحققوا بذلك مقتضى إيمانهم بالله واستسلامهم لشرعه ودينه، وليدخلوا في الدين كافة.
ولذلك نجد الإسلام والإيمان والإحسان في سياق واحد، يعبِّر عن الدين كله، كما في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال:
بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فأقبل حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
$"الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" فقال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدّقه!
قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال:"أن تؤمن بالله, وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت.
قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال:"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
قال: فأخبرني عن الساعة. قال:"ما المسئول عنها بأعلم من السائل".