للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة، العالة، رعاء الشاء يتطاولون في البنيان".

قال: ثم انطلق فلبث مليا. ثم قال لي: "يا عمر, أتدري من السائل؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل, أتاكم يعلمكم دينكم" ١.

فقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الإسلام اسما لما ظهر من الأعمال, وجعل الإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين؛ ولذلك قال: "فإنه جبريل, أتاكم يعلمكم دينكم" ٢.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس لهذا الدين بجملته؛ لأنه "لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه"٣.

فقد جاء وفد ثقيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومكثوا أياما يغدون على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدعوهم إلى الإسلام ... فقال له عبد ياليل: هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا؟

فقال: "إن أنتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم".


١ أخرجه البخاري: ١/ ١١٤, ومسلم: ١/ ٣٧، ٣٨، واللفظ له.
٢ "شرح السنة" للبغوي: ١/ ١١.
٣ نص جواب الرسول -صلى الله عليه وسلم- لجماعة من شيبان، بعد أن عرض عليهم الإسلام وسمع منهم مقالتهم, في قصة طويلة أخرجها الحاكم وأبو نعيم في "الدلائل": ١/ ٩٩، والبيهقي في "الدلائل" أيضا: ٢/ ٤٢٦, وذكرها ابن كثير في "البداية والنهاية" "٣/ ١٤٣-١٤٥" وقال: هذا حديث غريب جدا، وقد ورد من طرق وحسّنه القسطلاني. وانظر: "الروض الأنف" للسهيلي: ١/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>