للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت الكلمة التي تتكرر على لسان كل رسول لقومه عندما يدعوهم، هي الدعوة إلى عبادة الله تعالى وحده: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩] .

وغدت العبادة غاية الوجود الإنساني كله، بل إن الجن كذلك غايتهم هي عبادة الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٦-٨٥] .

وبهذا النفي في أول الآية الكريمة والاستثناء في آخرها يحصر الله تعالى مهمة الإنس والجن ويقصرها على وظيفة واحدة, ومسئولية واحدة هي عبادة الله تعالى وحده، فليس لهم وراء ذلك وظيفة أو غاية، وما ينبغي أن يكون!

فكيف يستطيع الإنسان أن يكون دائما في عبادة الله تعالى، فلا تنقضي لحظة من لحظات حياته -بعد التكليف- إلا وهو في عبادة؟ وكيف يستطيع أن يقوم بهذا التكليف الرباني؟

مفهوم صحيح شامل للعبادة من خلال النصوص:

هنا نجد أنفسنا أمام فهم صحيح للعبادة كما أرادها الله تعالى، لا تقتصر على ركعات خاشعة يؤديها المسلم خمس مرات في اليوم والليلة، ولا على أيام من العام يصومها المسلم طاعة لله سبحانه، ولا على جزء من المال يدفعه زكاة يطهر بها نفسه وماله، ولا على حج البيت الحرام عند الاستطاعة. فإن هذه العبادات كلها لا تستغرق من حياة الإنسان إلا جزءا يسيرا، فهل يترك سائر أيام حياته وساعاتها دون عبادة, فيخالف -عندئذ- أمر الله تعالى، وهو سبحانه لم يخلقه إلا للعبادة؟

<<  <   >  >>