للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المسلم يستطيع أن يجعل حياته كلها في الساعات الأربع والعشرين في اليوم والليلة عبادة لله تعالى وحده، إذ إن الإسلام قد أسبغ على جميع أعمال الإنسان صفة العبادة إذا قصد بهذه الأعمال وجه الله ومرضاته، وقام بها على الوجه المشروع الموافق للسنة، وكانت في سبيل تحقيق أهدافها المقصودة المشروعة.

فالزارع والصانع والتاجر، والطبيب والمهندس والعامل، والموظف، والمعلم والتلميذ ... وغيرهم من أصحاب الأعمال تعتبر أعمالهم عبادة إذا قصد بها كل منهم نفع عباد الله، والاستغناء عن الحاجة إلى الناس، وإعالة العيال؛ تحقيقا لأمر الله سبحانه وتعالى وخضوعا له، والتزاما وتحقيقا لمقاصد الشريعة التي أنزلها الله تعالى لمصالح الناس، وليقوموا جميعا بالحق والقسط.

والقرآن الكريم، كتاب الله الخالد، لم يقصر وصف الصلاح -عندما أمرنا بالعمل الصالح- على العبادات المخصوصة, وهي أركان الإسلام وشعائره ومبانيه الأساسية، بل جعله شاملا لأعمال أخرى، كقوله تعالى:

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٢٠, ١٢١] ... والآيات في ذلك كثيرة تعز على الحصر.

وفي الحديث الشريف يعدِّد النبي أنواعا من الطاعات، ويبين أجرها فيقول: "يصبح على كل سُلَامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" ١.


١ أخرجه مسلم برقم "٧٢٠": ١/ ٤٩٩.

<<  <   >  >>