هو تسوية غير الله بالله تعالى، أو هو تشبيه غير الله بالله سبحانه وتعالى في صفة من الصفات التي يختص بها، من صفات العظمة والكمال، مما لم يعهد في جنس الإنسان. وذلك أن الذي يعبد كائنا ما فيدعوه من دون الله -أو مع الله- لا يفعل ذلك إلا لاعتقاده أن عنده صفة يستحق من أجلها الدعاء، فهو يسمع دعاءه ويستجيب له.
ومن يطلب الشفاعة من غير الله تعالى؛ يعتقد أن الشافع يملك شيئا مع الله؛ فلذلك يطلب منه، وكأنه -كذلك- يشبِّه الله تعالى بالمخلوقات، حيث يرى أن بعض أموره في الدنيا تقضى بوساطة من صاحب مكانة، فيظن أن الله تعالى كذلك يحتاج إلى وساطة, سبحانه وتعالى.
ومن يخاف كائنا من الكائنات، إنما يخاف منه لاعتقاده أنه يقدر على أن يجلب له نفعا أو يدفع عنه ضرا, وهذا مما اختص الله تعالى به.
ومن يتخذ حكم أحد من البشر شرعا وقانونا، ويتلقى أوامره ونواهيه شريعة واجبة الاتباع، إنما يفعل ذلك لاعتقاده أن هذا الحاكم له سلطة الأمر والنهي الواجبة الاتباع, كسلطة الله تعالى على خلقه ... وهكذا١.
ولئن كان الشرك في القديم -غالبا- يتخذ صورة واحدة, وهي الخضوع للأصنام أو الطواف حولها، والسجود لها، والذبح عندها.. فإن عبادة الأصنام ليست إلا لونا واحدا من ألوان الشرك وأنواعه، فمنهم من كان يحلل ويحرم من تلقاء نفسه، أو يزعم أن له سلطة التحليل والتحريم، فيمنع أنواعا من التصرفات أو
١ انظر: حجة الله البالغة للدهلوي: ١/ ١٢٤-١٢٦، "المصطلحات الأربعة في القرآن" للمودودي ص١٤، ١٥.