للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المآكل أو غيرها، ومنهم من كان يعبد الجن، ومنهم من كان يعبد الملائكة، ومنهم من كان يعبد الكواكب والنجوم، كما حكى الله تعالى عنهم في مواضع من كتابه الكريم١.

ولئن كانت الأصنام -فيما سبق من عصور الجاهلية- تظهر بصورة مادية محسة، يتخذونها من خشب أو ذهب أو فضة على صورة إنسان، وقد تتخذ من حجر فتسمى عندئذ وثنا٢، لئن كان كذلك، فإن الأصنام قد تظهر في عصور أخرى بصور عديدة ومظاهر شتى؛ قد تكون مذهبا من المذاهب الفكرية الجاهلية كالديمقراطية أو الوطنية أو القومية ... وقد تكون مذهبا اقتصاديا كالرأسمالية والاشتراكية ... وقد تكون أهواء وشهوات يخضع لها الناس، فلا يهوون شيئا إلا عبدوه٣، وقد حكى الله تعالى ذلك عن أقوام فقال:

{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: ٤٣] .

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: ٢٣] .

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] .

وقد تكون الأصنام مجموعة من القيم الاجتماعية, أو القيم المادية التي تسيطر على الناس فيخضعون لها، ويتحركون بحركتها، فتكون لهم دينا ومذهبا:


١ انظر: "خصائص التصور الإسلامي" ص٣٩-٤١, "ماذا خسر العالم؟ " للندوي ص٦٢-٦٤ وبتوسع: "بلوغ الأرب" للآلوسي.
٢ انظر: "كتاب الأصنام" لابن السائب الكلبي، ص٣٣.
٣ انظر: "تفسير البغوي": ٦/ ٨٥، "تفسير ابن كثير": ٦/ ١٢٢، ٧/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>