للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله -عز وجل- وإضافة الجود والكرم إليه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" ١.

ومعناه: أنه معظم العبادة، أو أفضل العبادة، بل هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة؛ لدلالته على الإقبال على الله -عز وجل- والإعراض عما سواه٢.

والدعاء يشمل دعاء العبادة والثناء، ودعاء المسألة والطلب؛ ويراد بهما في القرآن الكريم هذا تارة، وهذا تارة، ويراد بهما مجموعهما، وهما متلازمان.

فدعاء المسألة: هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو دفع ضر، إذ الذي يدعى لا بد أن يكون مالكا للنفع والضر.

ودعاء العبادة والثناء: هو ما يقصد به العبد ثناء على الله تعالى بما هو أهله, تذللا له، وانكسارا بين يديه, سبحانه وتعالى.

ودعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، ودعاء المسألة متضمّن لدعاء العبادة، وهما متلازمان لا بد من اجتماعهما، ولا يكفي أحدهما عن الآخر٣.

فإذا توجه الإنسان بواحد من هذين النوعين لأحد غير الله تعالى، كأن يدعو


١ أخرجه أبو داود: ٢/ ١٤١، والترمذي: ٩/ ٣١١، ٣١٢، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في "كتاب التفسير": ٢/ ٢٥٣، وابن ماجه: ٢/ ١٢٥٨، والطيالسي ص١٠٨, وصححه الحاكم: ١/ ٤٩٠، ووافقه الذهبي، وابن حبان برقم "٢٣٩٦" "من موارد الظمآن"، والإمام أحمد: ٤/ ٢٦٧، وابن أبي شيبة: ١٠/ ٢٠٠, وانظر: "فتح الباري": ١١/ ٩٤، "الفتوحات الربانية" لابن علان: ٧/ ١٩١.
٢ انظر: "شأن الدعاء" للخطابي ص٤, ٥، "الفتوحات الربانية": ٧/ ١٩٢.
٣ "فتاوى شيخ الإسلام": ١/ ٢٤٣، ٢٤٤، ٨/ ١٠٩، "بدائع الفوائد" لابن القيم: ٣/ ٢-٥.

<<  <   >  >>