للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ميتا أو غائبا، أو أن يقول للميت أو الغائب: ادع الله لي ... فهذا كله لون من ألوان الشرك، حتى ولو كان ينطق بالشهادتين ويصلي ويصوم، إذ شرط الإسلام -مع التلفظ بالشهادتين- أن لا يعبد إلا الله، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله، فما أتى بهما حقيقة، فمجرد التلفظ لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناهما١.

ولهذا تواردت الآيات القرآنية الكريمة في النهي عن دعاء غير الله تعالى، كقوله: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [يونس: ١٠٦، ١٠٧] .

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ، وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: ٥، ٦] .

أما الله تعالى وحده فهو الذي يستجيب الدعاء؛ ولذا فهو وحده الذي يستحق الدعاء والثناء: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦] .

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] .

والإنسان بفطرته، حتى ولو كان من أكثر الناس كفرا وإلحادا، لا يملك في وقت الشدة والاضطرار إلا أن يرفع يديه للسماء ويدعو: يا رب:


١ انظر: "مجموع الفتاوى": ١/ ٣١٣، ٣٥٠-٣٥٨، ٢٧/ ٧٢-٨٧، "تيسير العزيز الحميد" ص٢١٩-٢٣٣, وفيه نقول عن علماء المذاهب الأربعة في تحريم الدعاء لغير الله تعالى، "ضوابط التكفير" تأليف عبد الله القرني، ص١١٤-١٢٣.

<<  <   >  >>