للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- شرك الطاعة والاتباع:

تقدم فيما سبق أن توحيد الألوهية مترتب على توحيد الربوبية، فإن الله سبحانه وتعالى هو وحده خالق الكون ومالكه، وهو الذي يسيّره ويصرف شئونه، فينبغي كذلك أن يكون متفردا بالحكم، أمرا ونهيا، تحليلا وتحريما، وينبغي على البشر أن يتحاكموا إلى ما أنزل الله، ويحكموا به، وأن يطيعوه سبحانه في كل ما حكم به، فإن ذلك مقتضى العبادة وأصلها ومعناها وحقيقتها.

ولذلك اتفق العلماء على أن الحاكم هو الله سبحانه وتعالى، وأنه لا أحد يستحق أن ينفذ حكمه على الخلق إلا من كان له الخلق والأمر -سبحانه وتعالى- "فإنما النافذ حكم المالك على مملوكه، ولا مالك إلا الله الخالق, فلا حكم ولا أمر إلا له. أما النبي -صلى الله عليه وسلم- والسلطان والسيد والأب والزوج، فإذا أمروا وأوجبوا، لم يجب شيء بإيجابهم، بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم، ولولا ذلك لكان كل مخلوق أوجب على غيره شيئا كان للموجَب عليه أن يقلب عليه الإيجاب؛ إذ ليس أحدهما أولى من الآخر، فإذن: الواجب طاعة الله تعالى, وطاعة من أوجب الله تعالى طاعته"١.

وقد أوسع هذا المعنى شرحا العز بن عبد السلام -رحمه الله- في "قواعد الأحكام" حيث قال في "قاعدة: فيمن تجب طاعته, ومن تجوز طاعته، ومن لا تجوز طاعته":


١ "المستصفى" للغزالي: ١/ ٨٣. وهذا موضع اتفاق كما سبق، ويبحثه علماء الأصول تحت عنوان: الحاكم. انظر: "الإحكام" للآمدي: ١/ ٧٦، "مسلَّم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت": ١/ ٢٥، "شرح الكوكب المنير": ١/ ٤٨٤، "مباحث الحكم عند الأصوليين"، ص١٦٢، ١٦٣, "المشروعية الإسلامية العليا" "٢٨-٣٧".

<<  <   >  >>