للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا طاعة لأحد من المخلوقين إلا لمن أذن الله في طاعته كالرسل والعلماء، والأئمة والقضاة، والولاة، والآباء والأمهات والسادات والأزواج، والمستأجرين في الإجارات على الأعمال والصناعات. ولا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل؛ لما فيها من المفسدة الموبقة في الدارين أو في إحداهما، فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له، إلا أن يكره إنسانا على أمر يبيحه الإكراه، فلا إثم على مطيعه. وقد تجب طاعته لا لكونه آمرا، بل دفعا لمفسدة ما يهدده به من قتل أو قطع أو جناية على بُضع، ولو أمر الإمام أو الحاكم إنسانا بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه، فهل له فعله، نظرا إلى رأي الآمر، أو يمتنع نظرا إلى رأي المأمور؟ فيه خلاف, وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به. فإذا كان مما ينقض حكمه به فلا سمع ولا طاعة. وكذلك لا طاعة لجَهَلَة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون في الشرع".

"وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الديني والدنيوي، فما من خير إلا هو جالبه وما من ضير إلا هو سالبه، وليس بعض العباد بأن يكون مطاعا بأولى من البعض؛ إذ ليس لأحد منهم إنعام بشيء مما ذكرته في حق الإله. وكذلك لا حكم إلا له.. {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} " ١.

وقد تواردت النصوص القرآنية الكريمة مؤيدة لهذا المنطق السليم، فهي تلزم البشر باتباع ما جاء من عند الله تعالى، وتحرم عليهم تحريما قاطعا اتباع ما يخالفه:

{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ١٠٦] .


١ "قواعد الأحكام": ١/ ١٥٧، ١٥٨, وبعض الألفاظ مصححة من النسخة الخطية، وهو تحت الطبع بتحقيقي, إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>