للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرياء اليسير، وهو أن يفعل الشيء يقصد به رؤية الخلق وملاحظتهم له، فلا يكون عمله خالصا لله تعالى، وهذا يحبط العمل الذي يرافقه، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه وموافقا لشرعه:

{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] .

وفي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" ١.

والحلف بغير الله؛ لأن في ذلك تعظيما للمحلوف به, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله؛ فقد أشرك" وفي لفظ: "فقد كفر" ٢.

ومنه الشرك في الألفاظ، كقول الرجل: "ما شاء الله وشئت" و"هذا من الله ومنك" و"أنا بالله وبك" و"ما لي إلا الله وأنت" ... وقد يكون هذا شركا أكبر بحسب قائله ومقصده٣.

وهذا الشرك قد يكون خفيا دقيقا لا يتبينه كثير من الناس، فينبغي ملاحظته وعدم التساهل فيه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل" ٤.

والشرك الأصغر له أنواع كثيرة ليس هذا مجال بيانها، كما أن الوسائل المنافية للتوحيد أو كماله، كالتوسل، والبناء على القبور، والغلوّ في الأشخاص وتقديسهم، واتخاذ التماثيل, ورفع الصور وتعظيمها, والاحتفالات والأعياد البدعية، كل هذه الوسائل نجدها مفصلة مع أدلتها وأقوال العلماء فيها في مظانها٥.


١ أخرجه مسلم: ٤/ ٢٢٨٩. قال النووي رحمه الله: "ومعناه: أنا أغنى عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئا ل ي ولغيري لم أقبله، بل أتركه لذلك الغير. والمراد: أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه, ويأثم به" "شرح النووي على مسلم": ١٨/ ١١٦.
٢ أخرجه أبو داود: ٤/ ٣٥٧، والترمذي: ٥/ ١٣٥, ١٣٦، والحاكم: ١/ ١٨، والبيهقي: ١٠/ ٢٩. وانظر: "تلخيص الحبير" لابن حجر: ٤/ ١٦٨.
٣ "مدارج السالكين": ١/ ٣٤٤.
١ أخرجه الإمام أحمد: ٤/ ٤٠٣، وأبو يعلى: ١/ ٦٠، ٦١، والمروزي في "مسند أبي بكر" ص٥٣ وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف, وللحديث شواهد يصح بها. انظر تعليق الشيخ الأرناءوط على "مسند المروزي" ص٥٣، ٥٤.
٢ ومن ذلك كتاب "التوحيد" للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وشروحه، ومن أكثرها فائدة وأعظمها: "تيسير العزيز الحميد" و"فتح المجيد"، ففيهما الغَنَاء والكفاية.

<<  <   >  >>