للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، ثم يفعل مناقضا للإيمان، جاهلا به غير عالم أنه مخرج له من الإيمان, فإن علم ورَدّ وكابر وجحد فقد كفر"١.

وأصل الكفر في الدين هو التكذيب المتعمد لشيء من كتب الله تعالى المعلومة، أو لأحد من رسله -عليهم الصلاة والسلام- أو لشيء مما جاءوا به، إذا كان ذلك الأمر المكذب به معلوما من الدين بالضرورة "وهو ما ظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة في حكمه بالنصوص الواردة فيه، كوجوب الصلاة وتحريم الخمر والزنا, وسمي ضروريا؛ لأن كل واحد يعلم أن هذا الأمر من الدين".

ولا خلاف في أن هذا القدر كفر، ومن صدر عنه فهو كافر، إذا كان مكلفا مختارا، غير مختل العقل، ولا مكره. وكذلك لا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم من الدين بالضرورة للجميع، وتستّر باسم "التأويل" فيما لا يمكن تأويله؛ كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى، بل جميع القرآن والشرائع ...

وإنما يقع الإشكال في تكفير من قام بأركان الإسلام الخمسة المنصوص على إسلام من قام بها، إذا خالف المعلوم ضرورة للبعض أو الأكثر ... وعلمنا من قرائن أحواله أنه ما قصد التكذيب، أو التبس علينا ذلك في حقه، وأظهر التدين والتصديق بجميع الأنبياء والكتب الربانية ...

ولذلك لا يجوز أن يسرع الإنسان إلى التكفير، فقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية تحذر من ذلك بوجوه متعددة٢.


١ "الحد الفاصل بين الإيمان والكفر" ص٦٤.
٢ "إيثار الحق على الخلق"، لابن الوزير، ص٣٧٦-٤٠٥ بتصرف، وانظر: "جامع الفصولين"، لابن قاضي سماونة: ٢/ ٢٩٧-٣١٥, "مراتب الإجماع" لابن حزم ص١٦٧-١٧٧، "التشريع الجنائي الإسلامي"، لعبد القادر عودة: ٢/ ٧٠٧- ٧١٩, وفيه إشارة إلى مراجع كثيرة في فقه المذاهب، "الغلو في الدين وأثره في حياة المسلمين المعاصرة"، تأليف عبد الرحمن بن معلى المطيري ص٢٦١-٢٦٣.

<<  <   >  >>