للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظلم والفسق، كلٌّ بحسب حاله؛ فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة أو القذف أو الزنا؛ لأنه يفضل غيره من أوضاع البشر عليه، فهو كافر قطعا، ومن لم يحكم به لعلة أخرى غير الجحود والنكران فهو ظالم، إن كان في حكمه مضيعا لحق أو تاركا لعدل أو مساواة، وإلا فهو فاسق.

ومن المتفق عليه: أن من رَدَّ شيئا من أوامر الله أو أوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو خارج عن الإسلام، سواء رده من جهة الشك أو من جهة ترك القبول، أو الامتناع عن التسليم. ولقد حكم الصحابة بارتداد مانعي الزكاة، واعتبروهم كفارا خارجين عن الإسلام؛ لأن الله حكم بأن من لم يسلم بما جاء به الرسول -ولم يسلم بقضائه وحكمه- فليس من أهل الإيمان، قال جل شأنه:

{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] ١.

٤- وأما كفر الشك؛ فإنه لا يجزم فيه بصدق الرسول ولا يكذبه، بل يشك في أمره. وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- جملة، فلا يسمعها ولا يلتفت إليها. وأما مع التفاته إليها ونظره


١ "التشريع الجنائي الإسلامي"، لعبد القادر عودة رحمه الله: ٢/ ٧٠٨-٧١٠, وأشار إلى: "أحكام القرآن" للجصاص: ٢/ ٢١٤، "إعلام الموقعين" لابن القيم: ١/ ٥٧، ٥٨، "روح المعاني" للآلوسي: ٦/ ١٤٠، "تفسير الطبري": ٦/ ١١٩، "تفسير القرطبي": ٦/ ١٠٠، "تفسير المنار": ٦/ ٤٠٥، "التشريع الجنائي": ١/ ٢٢٥، ٢٢٧.
وانظر: "عمدة التفسير" عن الحافظ ابن كثير, للشيخ أحمد شاكر: ٤/ ١٥٦-١٥٨، تعليق الأستاذ محمود شاكر على "تفسير الطبري": ١٠/ ٣٤٨، ٣٤٩، "تفسير البغوي": ٣/ ٦١-٦٤، "أضواء البيان" للشنقيطي: ٤/ ٩٠-٩٢، "تحكيم القوانين" للشيخ محمد بن إبراهيم, ص٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>