للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها, فإنه لا يبقى معه شك؛ لأنها مستلزمة للصدق ولا سيما بمجموعها، فإن دلالتها على الصدق واضحة جلية، كدلالة الشمس على النهار.

٥- وأما كفر الإعراض: فأن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به، كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم: "والله أقول لك كلمة, إن كنت صادقا فأنت أجلّ في عيني من أن أرد عليك، وإن كنت كاذبا فأنت أحقر من أن أكلمك".

٦- وأما كفر النفاق, فهو أن يظهر بلسانه الإيمان، وينطوي بقلبه على التكذيب, فهذا هو النفاق الأكبر. وسيأتي في فقرة لاحقة بيان لأقسامه إن شاء الله.

هذا، وتقدم أن مأخذ التكفير تكذيب الشارع، وليس مخالفته مطلقا. ومن ينكر رسالة النبي مثلا كافر لا مشرك، ومن أخلّ بالاعتقاد وحده فهو منافق، وبالإقرار بالحق فهو كافر، وبالعمل بمقتضاه فهو فاسق، ومن عبد مع الله غيره فهو مشرك

١.

الكفر الأصغر:

وإن كان الكفر الأكبر كفرا بأصل الإيمان والتوحيد، فإن الكفر الأصغر هو مخالفة لحكم من أحكام الشريعة، ومعصية عملية لا تُخرج عن أصل الإيمان، وإنما توجب لصاحبها الوعيد بالنار دون الخلود فيها، وسميت كفرا؛ لأنها من خصال الكفر٢.


١ "الكليات": ٤/ ١١٤، وانظر فيما سيأتي ص٣٥٨.
٢ انظر: "فتح الباري" لابن حجر: ١/ ٨٣, ٨٤، "شرح النووي على صحيح مسلم": ٢/ ٤٩، ٥٠، "مدارج السالكين": ١/ ٣٣٥، ٣٣٦.

<<  <   >  >>