للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريفهم لكتبهم، ورسم صورة صادقة لطبيعتهم ونفسيتهم.

وبعد أن خرج اليهود من الجزيرة العربية, قاموا بدور كبير في عدائهم لهذا الدين -ومنهم من دخل فيه ظاهرا وهم على حقد وضغينة- وقد بدأ اتصالهم بالمسلمين لإثارة الفتنة، فكان لعبد الله بن سبأ دوره في الفتنة في عهد عثمان -رضي الله عنه- ثم تتابعت مظاهر الفتنة في نشر فكرة الإمام المعصوم والوصي والرجعة التي تلقفتها عنهم الفرق الباطنية، وأثاروا الجدل بين المسلمين حول الذات الإلهية والصفات، ومعروف عنهم التشبيه والتجسيم كما هو في كتبهم، وقد انتقلت هذه الأفكار إلى التراث الإسلامي مما عرف بـ "الإسرائيليات" في كتب التفسير والحديث.

وأثاروا أيضا بين المسلمين الجدل حول الجبر والاختيار وغير ذلك من أمور عقائدية, وعندئذ قام المسلمون بالرد على مفتريات اليهود وشبهاتهم وناقشوا عقائدهم، واصطنعوا لذلك منهجا يقوم على النظر والدليل، فكان بعد ذلك هذا التراث الإسلامي من كتب العقيدة والرد على اليهود.

وأما النصارى؛ فقد بدأ الجدال بينهم وبين المسلمين في الحبشة أولا، عند الهجرة الأولى للمسلمين, في حقيقة المسيح، وفي الكلمة وغيرها, وفي مسائل تدور حول العقيدة الإسلامية في المسيح. ثم وَفَدَ نصارى نجران إلى المدينة, وجادلوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن عيسى -عليه السلام- وقد دعاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المباهلة، قال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: ٦١] .

ثم وصل الإسلام إلى الشام والعراق ومصر، فبدأت النصرانية تنازعه نزاعا،

<<  <   >  >>