للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتائج وملاحظات:

من هذه النصوص وغيرها نستنبط أمرين:

الأمر الأول: أن الفقه في اللغة هو الفهم والعلم بالشيء، أو هو فهم غرض المتكلم خاصة، ومنهم من يجعله خاصا بفهم وعلم الأمور الخفية الدقيقة التي تحتاج إلى النظر والاستدلال١.

والأمر الثاني: أن العرف قد خص الفقه بعلم الدين أو العلم بأحكام الشريعة كلها. وهذا المعنى الشرعي العام هو الذي كان معروفا عند السلف في العصر الأول قبل أن يخصصه المتأخرون بمعرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية, كما هو المشهور عند الفقهاء والأصوليين٢.

وقد أوضح الإمام الغزالي هذا في حديثه عما بُدِّل من ألفاظ العلوم إلى معانٍ غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأول، فقال في حديثه عن "الفقه":

"فقد كان الفقه يطلق في العصر الأول على علم طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا -بالنسبة للآخرة- وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة, واستيلاء الخوف على القلب. ويدلك على هذا المعنى قول الله عز وجل: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: ١٢٢] .

وما يحصل به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه، دون تفريعات الطلاق


١ انظر "الصحاح" للجوهري: ٦/ ٢٢٤٣، "ترتيب القاموس المحيط": ٣/ ٥١٣، "التعريفات" للجرجاني ص٢١٦.
٢ انظر: "كشاف اصطلاحات الفنون" للتهانوي: ١/ ٤٢، "الكليات" للكفوي: ٣/ ٣٤٥, وعامة كتب الأصول.

<<  <   >  >>