في صفات الله تعالى هو أن يصدُق ما وعد عبده من الثواب. وقال آخرون: هو مؤمن لأوليائه يؤمنهم عذابه ولا يظلمهم, فهذا قد عاد إلى المعنى الأول.
وقال الأزهري في "تهذيب اللغة""١٥/ ٥١٠":
"وأما الإيمان: فهو مصدر آمن إيمانا، فهو مؤمن. واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق. قال الله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤] ".
ثم قال: "وهذا موضع يحتاج الناس إلى تفهيمه، وأين ينفصل المؤمن من المسلم؟ وأين يستويان؟
والإسلام: إظهار الخضوع والقبول لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يحقن الدم. فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب, فذلك الإيمان الذي يقال للموصوف به: هو مؤمن مسلم، وهو المؤمن بالله ورسوله غير مرتاب ولا شاك، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه، وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه، لا يدخله في ذلك ريب، فهو المؤمن وهو المسلم حقا، كما قال الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: ١٥] ؛ أي: أولئك الذين قالوا: إنا مؤمنون، فهم الصادقون. فأما من أظهر قبول الشريعة واستسلم لدفع المكروه؛ فهو في الظاهر مسلم، وباطنه غير مصدق، فذلك الذي يقول: أسلمت؛ لأن الإيمان لا بد أن يكون صاحبه صديقا؛ لأن قولك: آمنت بالله، أو قولك: آمنت بكذا وكذا، فمعناه: صدّقت، فاخرج الله هؤلاء من الإيمان فقال:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي: لم تصدقوا، إنما أسلمتم تعوذا من القتل؛ فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر، والمسلم التامّ الإسلام مظهر للطاعة مؤمن بها، والمسلم الذي