للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أظهر الإسلام تعوذا غير مؤمن في الحقيقة, إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلمين. وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف لأبيهم: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} ، لم يختلف أهل التفسير أن معناه: ما أنت بمصدق لنا.

والأصل في الإيمان: الدخول في صدق الأمانة التي ائتمنه الله عليها، فإذا اعتقد التصديق بقلبه كما صدّق بلسانه فقد أدى الأمانة، وهو مؤمن. ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأمانة التي ائتمنه الله عليها، وهو منافق".

والإيمان في لغة العرب يستعمل لازما ومتعديا؛ فإذا استعمل لازما كان معناه أنه صار ذا أمن. وإذا استعمل متعديا، فتارة يتعدى بنفسه فيكون معناه التأمين، أي: إعطاء الأمان، تقول: آمنت فلانا إيمانا، وأمنته تأمينا، بمعنى واحد. قال تعالى: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] ومنه اسمه تعالى: "المؤمن"؛ لأنه أمن عباده من أن يظلمهم، أو جعل لهم الأمن.

وتارة يتعدى بالباء أو اللام، فيكون معناه التصديق١، كقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦] ، {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة: ٧٥] .


١ انظر: "المفردات في غريب القرآن" للراغب ص٢٦، "المختار من كنوز السنة" د. محمد عبد الله دراز ص٩٦، "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعيني: ١/ ١٠٢.

<<  <   >  >>