٢ ومما ينبغي التنبه إليه ههنا أمران اثنان: أولهما: أن بعض الناس يقصرون التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- على جانب واحد، وهو الجانب المظهري، ويغفلون سائر الجوانب الأخرى، فيقولون: "فلان سنيّ"؛ لأنه أطلق لحيته مثلا أو قصّر ثوبه -مع أننا لا نقلل من أهمية هذا الجانب أبدا، فإن هناك ارتباطا بين المظهر أو الشكل والمضمون- وينسون الجوانب الأخرى، وهي على غاية من الأهمية كالعقيدة السليمة والعلم الشرعي والأخلاق والسلوك ... إلخ. ثانيهما: أن بعضهم قد يتساهل بالمشروعات مما هو في مرتبة السنة -بالمعنى الفقهي- بحجة أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. هكذا بإطلاق، مع أن العلماء قد نصوا -بناء على الأحاديث الكثيرة التي تحض على المتابعة والتمسك بالسنة- على أن من يعتاد على ترك السنة يعاقب، وأنه مسيء وآثم، وكان الصحابة يحرصون عليها حرصهم على الفرائض، وقد نقل اللكنوي -رحمه الله- نصوصا كثيرة في هذا في كتابه "تحفة الأخيار" ص٨٧-٩٢. وأما تفرقة الفقهاء بين الفرض والسنة، فإنما هي في آحادها لا في تركها جملة. انظر: "كشاف اصطلاحات الفنون": ٤/ ٥٤، "المختار من كنوز السنة" ص٣٣٢.