- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل اللَّه عليه يومًا، ثم سرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا». الحديث أخرجه الترمذي، واللفظ له، والنسائي والحاكم، وفي حديث أسامة «كنت ردف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى». أخرجه النسائي بسند جيد، وفي حديث قيس بن سعد عند أبي داود «ثم رفع رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديه وهو يقول: اللهم صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة» الحديث وسنده جيد. والأحاديث في ذلك كثيرة: وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رو يبة - براء وموحدة مصغر - أنه «رأى بشر بن مروان يرفع يديه، فأنكر ذلك وقال: لقد رأيت رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما يزيد على هذا يشير بالسبابة» فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة، ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة، وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها، وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفْرًا» بكسر المهملة وسكون الفاء أي خالية، وسنده جيد.
قال الطبري: وكره رفع اليدين في الدعاء ابن عمر وجبير بن مطعم. وأما ما نقله الطبري عن ابن عمر فإنما أنكر رفعهما إلى حذو المنكبين، وقال: ليجعلهما حذو صدره، كذلك أسنده الطبري عنه أيضًا. وعن ابن عباس أن هذا صفة الدعاء.
وأخرج أبو داود والحاكم عنه من وجه آخر قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا. وأخرج الطبري من وجه آخر عنه قال: يرفع يديه حتى يجاوز بهما رأسه. وقد صح عن ابن عمر خلاف ما تقدم أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» من طريق القاسم بن محمد «رأيت ابن عمر يدعو عند القاص يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه باطنهما مما يليه وظاهرهما مما يلي وجهه»). انتهى من «الفتح».