من كوامن غريزته، فيعود إلى بيته، هادئ النفس، مستريح البال، نشط الفكر، أم أن يخرج من بيته فتستقبله مغريات الجنس من كل جانب وصوب، وبكل أسلوب وفن، فتهتاج نفسه وتثور غرائزه، حتى إذا دنا ليمتع نفسه وتثور غريزته اصطدم بحواجز القانون، ورقابة [الشرطة]، وشهامة الزوج أو القريب (١)؟
٣ - ويقولون لك: إن حجاب المرأة عائق عن مشاركتها الرجل في نهضته الفكرية والثقافية والاجتماعية، وإنما أولى الخطوات إلى أي نشاط فكري أو اجتماعي، أن تسفر الفتاة عن وجهها، وتحطم ما بينها وبين الرجل من حواجز واعتبارات.
كما أن أول السبيل للقضاء على ملكتها واستعداداتها الفكرية والاجتماعية المختلفة، أن تحبس نفسها في قفص الحجاب، وتضع بينها وبين الرجل حاجزًا مما تسميه الستر والآداب!
وما يتحدث أحدهم عن جهل المرأة، وتخلفها، إلا ويجعل من صورة المرأة المحتجبة مظهرًا لذلك!
وما يتحدث عن ثقافة المرأة، وتقدمها، ونشاطها الفكري والاجتماعي ـ إلا ويجعل من صورة المرأة العارية أو السافرة مظهرًا لذلك.
وأقول لك: إنني أجزم بأن هذا التلازم المختلق، إن هو إلا بهتان كبير لا أساس له ولا دليل عليه! .. وإن كل مطلع على التاريخ، يعلم أن تاريخنا الإسلامي مليء بالنساء المسلمات اللاتي جمعن بين الإسلام أدبًا واحتشامًا وسترًا، وعلمًا وثقافة وفكرًا. وذلك بدءًا من عصر الصحابة فما دون ذلك، إلى عصرنا الذي نعيش فيه.
٤ - ويقولون لك: إن الفتاة التي تحبس نفسها عن الناس من وراء الحجاب، إنما تحرم بذلك شبابها بل حياتها من سعادة الزواج، فالشاب إنما يقبل على الفتاة التي يعجب بها، وإنما يعجبه منها - قبل كل شيء - جمالها وما يتصل به من مظاهر شخصيتها. وأنَّى له أن يطمئن إلى ذلك منها إذا لم يتهيأ له أن يراها وأن يخلط نفسه بطرف من شأنها وطباعها؟ ..
وكيف يتهيأ له ذلك إذا كانت تأبى إلا أن تحبس نفسها، وراء سور البرقع والحجاب؟.
(١) إن أكبر هذه الحواجز: حاجز الخوف من اللَّه تعالى. وفي «تفسير ابن كثير»: عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين: رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي اللَّه عنه إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: ٣] «مختصر ابن كثير» (ج ٣ ص: ٣٥٩). (قل).