تلك هي حجة الأمهات لبناتهن، تحسب الواحدة منهن أنها تجلب الخير بذلك لابنتها، وتقرب السبيل لها إلى اختيار فتى أحلامها. ويزيد في ذلك اندفاعًا إغراءات جنود الشيطان من حولها، يستغلون لديها هذه الرغبة، فيزيدون من مخاوفها إن تزيت ابنتها بلباس الإسلام، ويدعمون آمالها إن هي تحررت منه وانساحت بين صفوف الشباب، تعرض من زينتها عليهم، وتخلط نفسها بهم! ..
وأقول لك: إنها لخدعة باطلة توحي بعكس الواقع والحقيقة! .. خدعة يصوغها دعاة الباطل على علم، وتنطلي على أفكار الفتيات وأمهاتهن جهلاً وخداعًا!!
ولو تأملت الواقع الذي تعيشين فيه، لرأيت نسبة الإقبال على الأسر والفتيات المحافظات للزواج منهن أكثر بما يقارب الضعف، من الإقبال على الأسر المتحررة اللاتي يطبقن الوصفة الخادعة التي اغتررن بها، بل إن الزواج - عمومًا - يشيع بين الأسر المحافظة المتدينة أكثر مما يشيع بين الأسر الأخرى، بنسبة تزيد على الضعف، يعلم تفصيل ذلك كل من يرجع إلى الإحصائيات المفصلة في هذا الشأن.
ولأوضح لك الأسباب القريبة والبعيدة لهذا الشأن، حتى تزدادي يقينًا بحكمة الخالق جل جلاله وبأن الإنسان لن يجد مصلحته مكلوءة بعناية وحفظ إلا في تطبيق شرع اللَّه عز وجل.
إن الشباب في مجتمعنا لا يعدو أن ينتمي إلى أحد صنفين:
الصنف الأول: متدين في الجملة، فهو متقيد بآداب الإسلام ومعظم أحكامه ولا سيما الاجتماعية منها والبارزة. فالشاب من هذا الصنف لا بد أن يتزوج فيما بين العشرين والثلاثين من عمره، لا يستثنى من ذلك إلا أصحاب الظروف الاستثنائية الخاصة. والزواج في اعتبار مثل هذا الشاب بمثابة ساعة الإفطار للصائم فيحشد له جميع آماله الدنيوية في الحياة، ويجعل منه ركيزة سعادته كلها!.
والشاب من هذا الصنف يبحث عن الفتاة كما يحبها، ولكن ضمن دائرة الستر والصيانة التي آمن بها ونشأ في داخلها. وحتى لو بعدت به الظروف عن هذه الدائرة في بعض الأحيان لأسباب مما قد يمتحن به الشاب، فإنه لا يطمئن لفتاة ستصبح أُمًا لأولاده إلا إذا رأى طابع الدين والستر جليًّا وأصيلاً في حياتها.
وهذا الشاب لن يصطدم بمشكلة الجهل أو عدم الاطمئنان إلى خلقها، فإن شريعة اللَّه عز وجل قد حلت له المشكلة عندما شرعت له، بل أمرته أمر إرشاد وندب أن ينظر إليها