للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يكون الغرض إثبات المعنى في نفسه للفاعل على الإطلاق، أو نفيه عنه كذلك، وقولنا: "على الإطلاق" أي: من غير اعتبار عمومه وخصوصه، ولا اعتبار تعلقه بمن وقع عليه، فيكون المتعدي حينئذ بمنزلة اللازم، فلا يُذكر له مفعول؛ لئلا يتوهم السامع أن الغرض الإخبار به باعتبار تعلقه بالمفعول١، ولا يقدر أيضا؛ لأن المقدر في حكم المذكور٢.

وهذا الضرب قسمان٣؛ لأنه إما أن يجعل الفعل مطلقا كناية٤ عن الفعل, متعلقا بمفعول مخصوص دلت عليه قرينة، أو لا٥.

الثاني٦: كقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] أي: من يحدث له معنى العلم ومن لا يحدث.

قال السكاكي٧: ثم إذا كان المقام خطابيا لا استدلاليا٨ أفاد العموم في أفراد


١ مع أنه في هذا الضرب يقصد إثباته في نفسه من غير اعتبار تعلقه بمفعول، ولكل منهما مقام خاص به، فإذا قيل: فلان يعطي؛ كان هذا لمن يجهل إعطاءه، وإذا قيل: فلان يعطي الدنانير، كان هذا لمن يعلم إعطاءه ويجهل أنه يعطي الدنانير.
٢ قيل: إنه في هذه الحالة لا يسمى المفعول محذوفا، ولكن هذه نظرة نحوية، أما هنا فيعد محذوفا، ويبحث عن نكتته، بدليل أنه لا يبحث عن مثل هذا في اللازم.
٣ جرى عبد القاهر على حصر هذا الضرب في القسم الثاني، وجعل القسم الأول من الضرب الثاني الآتي؛ لأن له عنده مفعولا مقصودا محذوفا لدلالة الحال ونحوه عليه، ولا يؤثر في ذلك محاولة المتكلم أن ينسيه نفسه لغرض من الأغراض الآتية، فلا يرى عبد القاهر فيه من الكناية ما يراه الخطيب، كما يأتي.
٤ الكناية في هذا من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم على سبيل الادعاء؛ لأن المقيد لا يكون لازما للمطلق إلا على هذا التقدير.
٥ يعني أو لا يجعل الفعل كذلك.
٦ أي: القسم الثاني من الضرب الأول، وهو الذي لا يجعل الفعل فيه مطلقا كناية عن الفعل, متعلقا بمفعول مخصوص.
٧ المفتاح ص١١٦ و١٢٣.
٨ المقام الخطابي هو الذي يكتفي بالظن؛ كالمدح والفخر ونحوهما، والاستدلالي هو الذي يطلب فيه اليقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>