للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: ٤١] أي: بعثه الله. وقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] أي: إنه لا يماثل، "تعلمون" أو ما بينه وبينها من التفاوت، أو أنها لا تفعل كفعله، كقوله: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} ١ [الروم: ٤٠] ويحتمل أن يكون المقصود نفس الفعل من غير تعميم، أي: وأنتم من أهل العلم والمعرفة٢. ثم ما أنتم عليه في أمر ديانتكم -من جعل الأصنام لله أندادا- غاية الجهل.

ومما عد السكاكي٣ الحذف فيه لمجرد الاختصار قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا} ٤ [القصص: ٢٣، ٢٤] والأولى أن يجعل لإثبات المعنى في نفسه للشيء على الإطلاق كما مر٥، وهو ظاهر قول الزمخشري، فإنه قال: تُرك المفعول لأن الغرض هو الفعل لا المفعول، ألا ترى أنه رحمهما لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي، ولم يرحمهما لأن مذودهما غنم ومسقيهم إبل مثلا؟ وكذلك قولهما: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} المقصود منه السقي لا المسقيّ.

واعلم أنه قد يشتبه الحال في أمر الحذف وعدمه لعدم تحصل معنى الفعل، كما في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}


١ والكاف للتنظير للوجه الأخير، وهو أنها لا تفعل كفعله.
٢ فيكون من القسم الثاني من الضرب الأول.
٣ المفتاح ص١٣٣.
٤ ومحل الشاهد فيه: "يسقون، تذودان، نسقي".
٥ فيكون من القسم الثاني من الضرب الأول، وجعله عبد القاهر مما قصد فيه إلى مفعول خاص ثم حُذف لتتوفر العناية على إثبات الفعل للفاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>