للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل ذلك مجلس، بدليل١: {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ، قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء: ٣٠، ٣١] فحين سمع الجواب تعداه، عجّب، واستهزأ، وجنَّن، وتفيهق بما تفيهق من قوله: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: ٢٩] .

وأما "مَنْ" فقال السكاكي٢: هو للسؤال عن الجنس من ذوي العلم٣، تقول: "من جبريل؟ بمعنى: أبشر هو أم ملك أم جني؟ " وكذا: "من إبليس؟ ومن فلان؟ " ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه: ٤٩] أي: أملك هو أم بشر أم جني؟ منكِرا لأن يكون لهما رب سواه؛ لادعائه الربوبية لنفسه، ذاهبا في سؤاله هذا إلى معنى: "ألكما رب سواي؟ " فأجاب موسى -عليه السلام- بقوله: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠] كأنه قال: نعم, لنا رب سواك هو الصانع الذي إذا سلكت الطريق الذي بيّن بإيجاده لما أوجد، وتقديره إياه على ما قدره، واتبعت فيه الخِرِّيت الماهر، وهو العقل الهادي عن الضلال؛ لزمك الاعتراف بكونه ربا، وأن لا رب سواه، وأن العبادة له مني ومنك ومن الخلق أجمع حق لا مَدْفَع له.

وقيل: هو للسؤال عن العارض المشخِّص لذي العلم٤، وهذا أظهر؛ لأنه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>