قال السكاكي رحمه الله٣:"ولهذا المعنى حُذفت الصلة من قولهم: "جاء بعد اللُّتيَّا والتي"٤ أي: المشار إليه بهما، وهي المحنة والشدائد قد بلغت شدتها وفظاعة شأنها مبلغا يبهَت الواصف معه حتى لا يُحير ببنت شفة.
وإما غير ذلك٥؛ كقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}[الحديد: ١٠] ، أي: ومن أنفق من بعده وقاتل٦، بدليل ما بعده٧.
ومن هذا الضرب قوله تعالى:{رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}[مريم: ٤] ؛ لأن أصله: "يا رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس مني شيبا".
وعده السكاكي من القسم الثاني من الإيجاز على ما فسره٨؛ ذاهبا إلى أنه -وإن اشتمل على بسط- فإن انقراض الشباب وإلمام المشيب جديران بأبسط منه،