ثم ذكر أن فيه لطائف يتوقف بيانها على النظر في أصل المعنى ومرتبته الأولى، ثم أفاد أن مرتبته الأولى "يا ربي، قد شختُ" فإن الشيخوخة مشتملة على ضعف البدن وشيب الرأس، ثم تُركت هذه المرتبة لتوخي مزيد التقرير إلى تفصيلها في "ضعف بدني وشاب رأسي" ثم ترك التصريح "بضعف بدني" إلى الكناية بـ "وهنت عظام بدني" لما سيأتي أن الكناية أبلغ من التصريح، ثم لقصد مرتبة رابعة أبلغ في التقرير بُنيت الكناية على المبتدأ١ فحصل "أنا وهنت عظام بدني"، ثم لقصد مرتبة خامسة أبلغ أدخلت إن على المبتدأ، فحصل "إني وهنت عظام بدني"، ثم لطلب تقرير أن الواهن عظام بدنه قصد مرتبة سادسة؛ وهي سلوك طريقي الإجمال والتفصيل، فحصل "إني وهنت العظام من بدني"، ثم لطلب مزيد اختصاص العظام به قصدت مرتبة سابعة؛ وهي ترك توسيط البدن، فحصل "إني وهنت العظام مني"، ثم لطلب شمول الوهن العظام فردا فردا قُصدت مرتبة ثامنة، وهي ترك الجمع إلى الإفراد؛ لصحة حصول وهن المجموع بوهن البعض دون كل فرد فرد٢، فحصل ما ترى٣.
وهكذا تُركت الحقيقة في "شاب رأسي" إلى الاستعارة في "اشتعل شيب رأسي" لما سيأتي أن الاستعارة أبلغ من الحقيقة، ثم تركت هذه المرتبة إلى تحويل الإسناد إلى الراس وتفسيره بـ "شيبا"؛ لأنها أبلغ من جهات:
إحداها: إسناد الاشتعال إلى الرأس؛ لإفادة شمول الشيب الرأس؛ إذ وزان "اشتعل شيب رأسي، واشتعل رأسي شيبا" وزان "اشتعل النار في بيتي، واشتعل بيتي نارا" والفرق بيّن نيّر.