عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٥٤] فإنه لو اقتصر على وصفهم بالذلة على المؤمنين لتُوُهم أن ذلتهم لضعفهم، فلما قيل:{أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} علم أنها منهم تواضع لهم؛ ولذا عدي "الذل" بـ "على"١ لتضمينه معنى العطف، كأنه قيل: عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع، ويجوز أن تكون التعدية بـ "على"؛ لأن المعنى أنهم -مع شرفهم وعلوّ طبقتهم وفضلهم على المؤمنين- خافضون لهم أجنحتهم٢.
ومنه قول ابن الرومي فيما كتب به إلى صديق له:"إني وليك الذي لا يزال تنقاد إليك مودته عن غير طمع ولا جزع، وإن كنتَ لذي الرغبة مطلبا، ولذي الرهبة مهربا".
وكذا قول الحماسي "من الطويل":
رهنت يدي بالعجز عن شكر بره ... وما فوق شكري للشكور مزيد٣
وكذا قول كعب بن سعد الغنوي "من الطويل":
حليم إذا ما الحلم زين أهله ... مع الحلم في عين العدو مَهيب٤