{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ١ وشاع ذلك حتى وُصف الصنف الأول بالسواد، كما في قول القائل:"شاهدت سواد الكفر من جبين فلان" والصنف الثاني بالبياض؛ كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أتيتكم بالحنيفية البيضاء" وذلك لتخييل أن السنن ونحوها من الجنس الذي هو إشراق أو ابيضاض في العين، وأن البدعة ونحوها على خلاف ذلك، فصار تشبيه النجوم ما بين الدياجي بالسنن ما بين الابتداع كتشبيه النجوم في الظلام ببياض الشيب في سواد الشباب، وبالأنوار٢ مؤتلقة بين النبات الشديد الخضرة؛ فالتأويل فيه أنه تخيّل ما ليس بمتلون متلونا، ويحتمل وجها آخر وهو أن يُتأول بأنه أراد معنى قولهم:"إن سواد الظلام يزيد النجوم حسنا" فإنه لما كان وقوف العاقل على عوار الباطل يزيد الحق نبلا في نفسه وحسنا في مرآة عقله؛ جُعل هذا الأصل من المعقول مثالا للمشاهد المبصر هناك، غير أنه لا يخرج -مع هذا- عن كونه على خلاف الظاهر؛ لأن الظاهر أن يُمثَّل المعقول في ذلك بالمحسوس٣؛ كما فعل البحتري في قوله:
وقد زادها إفراط حسن جوارها ... خلائق أصفار من المجد خُيِّب٤
وحسن دراريّ الكواكب أن ترى ... طوالع في داجٍ من الليل غَيْهب٥