للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها استطرافه١: كما في تشبيه فحم فيه جمرة موقد ببحر من المسك مَوْجه الذهب؛ لإبرازه في صورة الممتنع عادة. وللاستطراف وجه آخر؛ وهو أن يكون المشبه به نادر الحضور؛ إما مطلقا كما مر٢ وإما عند حضور المشبه؛ كما في قوله:

ولازَوَرْدية تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليَوَاقيت

كأنها فوق قامات ضعُفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت٣

فإن صورة اتصال النار بأطراف الكبريت لا يندر حضورها في الذهن ندرة صورة بحر من المسك موجه الذهب، وإنما النادر حضورها عند حضور صورة البنفسج، فإذا أُحضر مع صحة الشبه استُطرف لمشاهدة عناق بين صورتين لا تتراءى ناراهما. ومما يؤيد هذا ما يحكى أن جريرا قال: "أنشدني عدي":

عرف الديار توهما فاعتادها

فلما بلغ إلى قوله:

تزجي أغَنَّ كأن إبرة رَوْقه

رحمته، وقلت: قد وقع، ما عساه يقول وهو أعرابي جلف جاف؟

فلما قال:

قلم أصاب من الدواة مدادها٤ ... استحالت الرحمة حسدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>