وجهه" أو "نور الشمس مسروق من نور جبينه" ونحو ذلك من وجوه المبالغة؛ فإن في الأول خلابة وشيئا من السحر ليس في الثاني، وهو أنه كأنه يستكثر للصباح أن يشبهه بوجه الخليفة، ويوهم أنه احتشد له واجتهد في تشبيه يفخم به أمره، فيوقع المبالغة في نفسك من حيث لا تشعر، ويفيدكها من غير أن يظهر ادعاؤه لها؛ لأنه وضع كلامه وضع من يقيس على أصل متفق عليه، لا يُشفِق من خلاف مخالف وتهكم متهكم، والمعاني إذا وردت على النفس هذا المورد كان لها نوع من السرور عجيب، فكانت كالنعمة التي لا تكدرها المنة، وكالغنيمة من حيث لا تحتسب، وفي قوله: "حين يمتدح" فائدة شريفة، وهي الدلالة على اتصاف الممدوح بما لا يوجد إلا فيمن هو كامل في الكرم، من معرفة حق المادح -على ما احتشد له من تزيينه وما قصده من تفخيم شأنه في عيون الناس- بالإصغاء إليه والارتياح له، والدلالة بالبشر والطلاقة على حسن موقعه عنده.
ومنه قوله تعالى حكاية عن مستحلّ الربا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} ١؛ فإن مقتضى الظاهر أن يقال: إنما الربا مثل البيع؛ إذ الكلام في الربا لا في البيع، فخالفوا لجعلهم الربا في الحلّ أقوى حالا من البيع وأعرف به.
ومنه قوله عز وجل:{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} ٢؛ فإن مقتضى الظاهر العكس؛ لأن الخطاب للذين عبدوا الأوثان وسمَّوها آلهة تشبيها بالله سبحانه وتعالى؛ فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فخولف في خطابهم؛ لأنهم بالغوا في عبادتها؛ وغلوا حتى صارت عندهم أصلا في العبادة٣ والخالق سبحانه وتعالى فرعا، فجاء الإنكار