يزور الأعادي في سماء عَجَاجة ... أسنته في جانبيها الكواكب٢
وكذا من قول الآخر:
تبني سنابكها من فوق أرؤسهم ... سقفا كواكبه البيض المَبَاتير٣
لأن كل واحد منهما، وإن راعى التفصيل في التشبيه، فإنه اقتصر على أن أراك لمعان الأسنة والسيوف في أثناء العجاجة، بخلاف بشار؛ فإنه لم يقتصر على ذلك، بل عبر عن هيئة السيوف وقد سُلَّت من أغمادها وهي تعلو وترسب وتجيء وتذهب، وهذه الزيادة زادت التفصيل تفصيلا؛ لأنها لا تقع في النفس إلا بالنظر إلى أكثر من جهة واحدة، وذلك أن للسيوف عند احتدام الحرب واختلاف الأيدي بها في الضرب اضطرابا شديدا وحركات سريعة، ثم لتلك الحركات جهات مختلفة تنقسم بين الاعوجاج والاستقامة، والارتفاع والانخفاض، ثم هي باختلاف هذه الأمور تتلاقى ويصدم بعضها بعضا, ثم أشكالها مستطيلة, فنبه على هذه الدقائق بكلمة واحدة وهي قوله:"تهاوى"؛ لأن الكواكب إذا تهاوت اختلفت جهات حركتها، ثم كان لها في التهاوي تواقع وتداخل، ثم استطالت أشكالها.