فإنك تحتاج في تعرف معنى البيت الأول إلى معرفة وجه المجاز في كونه دانيا وشاسعا، ثم تعود إلى ما يعرض البيت الثاني عليك من حال البدر، ثم تقابل إحدى الصورتين بالأخرى، وتنظر كيف شرط في العلو الإفراط ليشاكل قوله:"شاسع"؛ لأن الشسوع هو الشديد من البعد، ثم قابله بما يشاكله من مراعاة التناهي في القرب، فقال:"جد قريب" فهذا ونحوه هو المراد بالحاجة إلى الفكر، وهل شيء أحلى من الفكر إذا صادف نهجا قويما إلى المراد؟
قال الجاحظ في أثناء فصل يذكر فيه ما في الفكر من الفضيلة:"وأين تقع لذة البهيمة بالعَلُوفة، ولذة السبع بلطع الدم وأكل اللحم، من سرور الظفر بالأعداء، ومن انفتاح باب العلم بعد إدمان قرعه؟ ".